recent
أخر المشاركات

ما هي قصة جائحة الإنفلونزا الإسبانية التي قتلت ملايين البشر

الإنفلونزا الإسبانية
أحداث الإنفلونزا الإسبانية

جائحة الإنفلونزا الإسبانية كانت واحدة من أشد الأوبئة الفيروسية في التاريخ، وقد أصابت ما يقرب من ثلث سكان العالم بين عامي 1918 و1919 ميلادياً.

ما هي قصة الإنفلونزا الإسبانية؟

بدأت جائحة الإنفلونزا الإسبانية في ربيع عام 1918 ميلادياً في أعقاب نهاية الحرب العالمية الأولى التي تركت دول أوروبا منهكة وضعيفة وسرعان ما انتشر الفيروس في جميع أنحاء العالم متسبباً في تفشي غير مسبوق لمرض تنفسي قاتل، كان لهذه الجائحة طابع خاص حيث لم تتوقف عند التأثير على المناطق المصابة بل واصلت اجتياح العالم بأسره مما جعلها واحدة من أكثر الجوائح فتكاً في التاريخ الحديث، نشأ فيروس الإنفلونزا الإسبانية من سلالة جديدة من فيروسات H1N1 التي تطورت أولاً في الطيور ليصيب البشر بعد ذلك ليصبح فيروساً سريع الانتشار مُهدداً للجنس البشري.

كون الفيروس جديداً تماماً على جهاز المناعة البشري جعل مقاومته شبه مستحيلة في ذلك الوقت مما أدى إلى انتشاره بسرعة غير مسبوقة، لم يكن الفيروس يُميز في إصاباته بين الناس لكن بعض الفئات العمرية كانت أكثر عرضة لتأثيراته القاتلة مثل: الأطفال الصغار وكبار السن الذين تجاوزوا 65 عاماً، ولكن ما جعل الجائحة مرعبة بالفعل هو تعرض البالغين وبالأخص مَن هم بين 20 و40 عاماً لنوبات حادة من المرض لدرجة أن الكثير منهم ماتوا خلال أيام من ظهور الأعراض وذلك تبعاً لموقع History المُختص بالتاريخ.

الموجة الأولى

بدأت الموجة الأولى بأعراض خفيفة إلى متوسطة شملت الحمى والسعال والصداع مما جعلها تبدو وكأنها مجرد إنفلونزا موسمية عادية، انطلقت العدوى بين الجنود الذين كانوا متمركزين في معسكرات الحرب وخاصة في صفوف الجيش الأمريكي المنتشر في أوروبا خلال تلك الفترة، ومع تحركات الجنود وتنقلهم بين القواعد العسكرية والبلدان المختلفة بدأت العدوى بالانتشار سريعاً لتصل إلى المجتمعات المدنية في الولايات المتحدة وأوروبا حيث أصابت أعداداً كبيرة من الناس.

رغم الانتشار الواسع للمرض كانت هذه الموجة الأولى أقل خطورة مقارنة بالموجات اللاحقة، إذ لم تتسبب في وفيات مرتفعة بين المصابين ولكن اقتصرت غالبية الحالات على الأعراض المُعتادة التي يمكن للجهاز المناعي التعامل معها نسبياً، ظلت هذه الموجة بمثابة تحذير مبكر لما سيأتي لاحقاً حيث لم يدرك العالم بعد حجم الكارثة التي كانت تتربص به.

الموجة الثانية

مع حلول خريف عام 1918، شهدت الجائحة تحولاً خطيراً مع الموجة الثانية التي صُنفت كأشد مراحل الوباء فتكاً حيث ازدادت شراسة الفيروس بشكل ملحوظ، فقد بدأت تظهر أعراض حادة لدى المصابين من بينها التهابات رئوية قوية ونزيف في الرئتين مما أدى إلى تصاعد كبير في أعداد الوفيات وما أثار الدهشة والخوف هو استهداف الفيروس لشرائح الشباب الأصحاء بشكل خاص، وهو ما يُعد خروجاً عن المعتاد فغالباً ما تكون الأوبئة مميتة للفئات الأضعف كالأطفال وكبار السن وأصحاب المناعة المنخفضة.

انتشرت مشاهد الرعب في المجتمعات إذ لم يكن المرض يمنح المصابين فرصة للتعافي، فقد كانت الوفاة تحدث في غضون أيام من بداية الأعراض نتيجة لتدهور الجهاز التنفسي بشكل سريع، ساهمت هذه الموجة العنيفة في تعزيز حالة الفزع بين الناس وأصبح الوباء تهديداً لا يُستهان به مما دفع السلطات إلى البحث عن حلول طارئة للتعامل مع هذه الكارثة الصحية.

جائحة الإنفلونزا
جائحة الإنفلونزا

الآثار العالمية لجائحة الإنفلونزا الإسبانية

أصاب الوباء ما يقرب من 500 مليون شخص حول العالم أي نحو ثلث سكان الأرض آنذاك وراح ضحيته ما يُقدر بين 50 إلى 100 مليون إنسان تبعاً لمجلة الإنساني التابعة للصليب الأحمر، أحد الأسباب التي جعلت الفيروس مميتاً بشكل غير تقليدي لدى الشباب هو استجابة الجهاز المناعي العنيفة لديهم فيما يُعرف علمياً (عاصفة السيتوكين)، هذه العاصفة المناعية تحدث عندما يُفرز الجسم كميات كبيرة من السيتوكينات وهي بروتينات تلعب دوراً هاماً في تنظيم الاستجابة المناعية ومحاربة العدوى، لكن في حالات الإصابة الشديدة ينتج الجسم استجابة مناعية مفرطة تتجاوز حدودها الطبيعية، مما يؤدي إلى التهاب واسع النطاق خاصة في الرئتين.

تتسبب عاصفة السيتوكين في تدمير أنسجة الرئة بدلاً من حمايته مما يُضعف عملية التنفس ويَصعُب تدفق الأكسجين إلى الدم، هذا الالتهاب الشديد يهيئ الجسم للإصابة بالتهاب رئوي حاد يَصعب النجاة منه خصوصاً عند عدم توفر المضادات الحيوية أو الأجهزة الطبية المتطورة كما في زمننا الحالي، ومع تدهور الوظائف الحيوية بسبب نقص الأكسجين وزيادة الالتهابات كانت الوفاة تحدث في غضون أيام من ظهور الأعراض.

ساهم هذا التأثير الفتاك في زيادة سرعة انتشار الفيروس ورفع معدلات الوفيات ليصبح شبحاً يُخيم على كل منزل تقريباً، فمع قلة الوعي الطبي حينها وصعوبة توفير العناية الصحية المطلوبة وجد الشباب الأصحاء أنفسهم فجأة في مواجهة مرض قاتل يتفوق على قدرة أجهزتهم المناعية القوية على المواجهة.

الآثار العالمية للجائحة
الآثار العالمية للجائحة

ما هي أعراض الانفلونزا الاسبانية؟

كانت الأعراض المصاحبة للإصابة بوباء الانفلونزا الاسبانية مشابهة لأعراض الإنفلونزا التقليدية لكنها كانت أكثر حِدة وأسرع تفاقماً، غالباً ما تطورت بسرعة لتتسبب بمضاعفات تنفسية قاتلة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الوفيات بسبب الالتهاب الرئوي الذي كان يصعب علاجه في ذلك الوقت، ومن أبرزها:

  • سيلان الأنف المستمر.
  • فقدان الشهية واضطرابات في الجهاز الهضمي.
  • تعرق شديد نتيجة الحمى العالية.
  • ارتفاع شديد في درجة الحرارة يصاحبه شعور بالقشعريرة.
  • التهاب الحلق وألم مزعج عند البلع.
  • سُعال جاف متقطع تزداد شدته مع مرور الوقت.
  • إجهاد عام وصداع يُسببان شعوراً دائماً بالتعب والإرهاق.
  • مشاكل تنفسية حادة تصل في بعض الحالات إلى التهاب رئوي خطير.

لماذا سُميت الإنفلونزا الإسبانية بهذا الاسم؟

رغم انتشار الجائحة عالمياً إلا أن الرقابة على الأخبار في زمن الحرب حددت نطاق نشر التقارير التفصيلية حول تأثيرها في الدول الكبرى مثل ألمانيا، المملكة المتحدة، وفرنسا، وفي المقابل كانت إسبانيا التي ظلت على الحياد في الحرب تنقل الأخبار بحُرية أكبر عن الأوبئة، بما في ذلك مرض الملك ألفونسو الثالث عشر ما أدى إلى الانطباع الخاطئ بأنها مركز انتشار الوباء فانتشرت تسميتها بالإنفلونزا الإسبانية.

تمت الكتابة بواسطة: جيهان جهاد محمد.

author-img
موقع محترفين العرب

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent