 |
| ما هي رواية البحث عن الزمن المفقود |
رواية تستعرض قدرة المرء على فهم الحياة ومعانيها كافة من خلال التأمل وقراءة تفاصيل الآخرين والتعمق بهم، ستجد هذا عند الكاتب مارسيل بروست في رواية البحث عن الزمن المفقود.
رواية البحث عن الزمن المفقود
نُشرت هذه الرواية التي تم تأليفها على يد الكاتب الفرنسي (مارسيل بروست) كنوع من استعراض السيرة الذاتية له، حيث تُنقل الرواية بلسان الراوي منذ الطفولة والذي يختلط مع السيرة الذاتية للكاتب وخاصةً في الجزء الأول، وقد تم جمع الرواية في سبعة كتب أي سبعة أجزاء في محاولة لافتة لفهم وسبر أغوار الطبيعة البشرية بدقة.
ملخص رواية البحث عن الزمن المفقود
يبدأ سير الأحداث من خلال سردها بالعودة إلى الزمن الماضي عبر تقنية الاسترجاع ثم تداعي الذاكرة الحرة وجعلها تتقافز بين حدث وآخر بأسلوب سردي تفصيلي ينم عن كمية التأمل العميق وسبر أغوار الأحداث بشخصياتها وتفاصيلها.
الجزء الأول بعنوان (جانب منزل سوان)
هنا نجد أن سوان هو شاب يهودي يعيش في المجتمع الفرنسي والذي يحاول مارسيل تذكره في استعراض تفاصيل عن سيرته منذ الطفولة ويصف المدينة والطبيعة، ثم يستعرض لنا الكاتب أن سوان شخصاً يبحث دائماً عن السعادة ويعاني من الحساسية الزائدة وهذا ما يجعله في خضم عدم الكشف عن السعادة في أي وسيلة استعان بها سواء كانت في الحب أو العائلة أو العالم من حوله مما يجعله يخرج للبحث عن السعادة خارج الزمن.
الجزء الثاني (في ظلال ربيع الفتيات الغضات)
نجد أن الراوي وقع في حب فتاة منذ الجزء الأول وهذه الفتاة تدعى (غلبرت) ولكن فجأة يجد أنه مصاب بحالة نادرة جداً، وهي حالة الحب الجماعي والتي تجعله يعشق جميع الفتيات اللاتي يتمتعن بالجمال مما جعله مقيّد بأغلال تلك الحالة.
الجزء الثالث (جانب منزل غرامنت)
وهنا ينتقل الراوي إلى مرحلة الخدمة العسكرية التي جعلت شبابه ينقضي فيها، متناولاً بهذا عالم النخبة الفرنسية بما فيه من تعقيدات وتناقضات بما يجعل النص متّسما بالتشريح الدقيق للمجتمع في أواخر القرن التاسع عشر، وقد أظهر كمية النفاق لدى الأفراد والمجتمع في تلك الفترة فيما يحاول أن يتأمل الارستقراطية التي تتعامل بعجرفة مع الآخرين.
يُظهر بروست فكرة العلاقة القائمة بين الزمن والعلاقات البشرية والتي تتأثر بفعل الوقت بسبب تأمله وتعمقه بالتفاصيل واهتمامه بالكتابة في تلك الفترة لنقل كل ما يصل إليه من فهم واضح للتأثيرات القائمة بغية فهم معنى الحياة.
الجزء الرابع (سدوم وعمورة)
في هذا الجزء يصبح بروست أكثر تأملاً للحب والغيرة والهوية الجنسية والمجتمع وفي هذه الجرأة تخطى بروست الحدود بجرأته في الكتابة والتعمق في سرد التفاصيل.
متناولاً بهذا أموراً معقدة مثل الجنسية المثلية والنفاق الاجتماعي مع تقديم وصف تفصيلي لجميع الشخصيات في هذا الجزء محدثاً نقلة نوعية بكشف علاقة مثلية بين شخصيتين في هذا الجزء مما يكشف عن النفاق الاجتماعي للطبقات الارستقراطية أكثر.
الجزء الخامس (السجينة)
هنا يتناول الكشف المكثف عن العلاقة المعقدة بين الراوي و(البرتينا) في سرد لحالة الحب وسيطرته وحالة التملك التي تغلفه حيث تعيش معه البرتينا وتبدأ العلاقة تتحول لنوع من السجن بسبب شكوك الراوي حول إخلاص البرتينا ووقوعه تحت سلطان الهوس بمراقبتها.
الجزء السادس (الهاربة)
والذي أيضاً يتناول العلاقة بين البرتينا والراوي مع التأكيد على حياة الراوي أكثر بعد رحيل البرتينا عنه، والذي يصل الى استنتاج مفاده أن الزمن قادر على إعادة هيكلة حياته بما يجعله يتناساه ثم ينساها وخاصةً بعد أن هربت من منزله وتركته في حالة صدمة.
لكن الراوي لم يستطع أن يتجاوزها مما جعله يعاني من حالة اضطراب ورغبة ملحة في استعادتها إلى أن يرسل لها وسطاء لكي توافق على العودة إلا أنه يفشل تماماً حتى يصل السرد إلى مرحلة تلقي خبر وفاة البرتينا والذي أحدث نقلة نوعية في حياة الراوي.
الجزء السابع (الزمن المستعاد)
وهو التتويج لمسيرة حياة الراوي وتطوره الفكري والروحي بفضل عمق التأمل للأحداث والحياة الاجتماعية والطبيعة البشرية والعلاقات القائمة بها، ويمثل هذا الجزء ذروة التأمل الفلسفي حول الزمن والذاكرة والفن والمعنى الذي يمكن استخلاصه من التجربة.
وهنا يكون النص ليس مجرد نص أدبي إنما بيان أدبي شامل يجسد رؤية بروست للحياة وينقل لنا كيفية حياة الراوي فيما بعد بعزلة تامة مستغرقاً في الذكريات، إلى أن يعود إلى باريس ويجد أن حياة المظاهر والقوة الاجتماعية والثقافية التي كانت للطبقة الارستقراطية آنذاك قد أصابها الانحدار بفعل الزمن والذي من شأنه أن يعيد ترتيب وضع الأشخاص مجدداً ويقلل من الغرور والنفاق لديهم.
أشهر اقتباسات من رواية البحث عن الزمن المفقود
- وإن ما يولي المرء سعادة إلى هذا الحدّ، وجود شيء غير مستقرّ في القلب يتدبّر أمره على الدوام للحفاظ عليه ولا ينتبه له من بعد ما دام يلازم مكانه، والحقيقة أنّ في الحبّ عذاباً مستمرّاً يبطله الفرح ويجعله ممكناً ويؤجّله إلا أنه قد يصبح مبرحاً إذا لم يحصل المرء على ما كان يتمنى.
- القاعدة المأثورة عليه وعلى «أوديت»، وبما أنّ حبّ الذات يظل دنيئاً حتى لدى المتفوقين من الناس وساعة يبدون وكأنهم يحلّقون معك فوق الحياة، فقد تملكه استياء شديد حيالي.
- فليس ربّما من إنسان مهما سمت فضائله إلا ويستطيع تعقّد الظروف أن يحمله يوماً على العيش في ألفة مع الرذيلة التي شجبها شجباً قاطعاً ودون أن يتعرّفها تماماً على أيّ حال تحت قناع الوقائع الخاصّة الذي تتقنّع به كما تتصل به وتعذبه.
- وأحياناً يمرّ القمر في سماء ما بعد الظهيرة أبيض بياض سحابة سريعاً لا ألق له كأني به ممثلة لم تحن ساعة تمثيلها تنظر من الصالة باللباس اليوميّ إلى رفاقها مقدار لحظة وتحتجب إذ لا تبغي أن تسترعي الانتباه!.
- العادة! إنها مدبّر ماهر ولكنّه بطيء جداً، يبدأ بتسليم عقلنا للألم على مدى أسابيع في دار سكن مؤقّتة، ولكن فكرنا سعيد على الرغم من ذلك في العثور عليها لأنه بدون العادة، وإن اقتصر على وسائله الخاصّة، فسيعجز عن جعل أي منزل قابل للسكن.
- وقد يصادفك من المشقّة في عد القبلات التي تبودلت في مدى ساعة ما يصادفك في عدّ الأزهار في شهر أيّار.
- مريض الإحساس، ينطلق من طفولته في البحث عن السعادة المطلقة، فلا يلقاها في الأسرة، ولا في الحب، ولا في العلم، ويرى نفسه منساقاً إلى البحث عن مطلق خارج الزمان!.
- وكلنا مضطر كي يجعل الواقع محتملاً أن يغذي في صدره بعض الحماقات الصغيرة.
- لقد علمني الحب أن الوقت ليس إلا وهماً، ففي لحظةٍ من الحب يمكن أن نعيش أعواماً.
- الحب هو تلك القوة الغامضة التي تدفعنا لنكون أكثر مما نعرف أنفسنا.
- لا شيء أكثر إيلاماً من ذلك التعارض بين تغير البشر وثبات الذكرى.
من هو مارسيل بروست مؤلف رواية البحث عن الزمن المفقود؟
روائي فرنسي ولد بتاريخ 10 يوليو سنة 1871 وتوفي سنة 1922م، وهذه الرواية هي من أبرز أعماله وأهمها وتعد واحدة من الروايات التي أحدثت نقلة نوعية في تاريخ الأدب الفرنسي، حيث بدأ بكتابة هذه الملحمة سنة 1909م، وتم توزيعها على 4300 صفحة وقد بلغ عدد شخصياتها الـ 200 شخصية مما يجعلها أيقونة الأدب الفرنسي العريق.
تمت الكتابة بواسطة: فريال محمود لولك.