ما حكم العادة السرية |
في زمن كثُرت به الفتن، أصبح الكثير من الرجال والنساء يقومون بممارسات محرّمة دون علم بحكمها الشرعي، كالعادة السرية (الاستمناء) فما حكم العادة السرية في الإسلام؟
حكم العادة السرية للأعزب
يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في رواية عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) بسنن النسائي: "من استطاع منكم الباءةَ فلْيَتزوَّجْ، ومن لم يستَطِعْ فعليه بالصَّومِ؛ فإنَّه له وِجاءٌ"، فمن تعذّر عليه الزواج من الرجال أو النساء، عليه بالصوم، فإنه يقي المسلم من الوقوع في الفتن، ولم يرشد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الاستمناء لما له من أضرار نفسية وجسدية.
فممارسة العادة السرية تسبب الشعور بالخمول، فضلًا عن كونها أحد أسباب الاكتئاب، لأنها ليست الطريق الطبيعي لإخماد الشهوة، بل إنها تؤثر فيما بعد على شعور مُمارسها بمتعة العلاقة الزوجية الطبيعية، فضلًا عن أن ممارسة الفتاة لهذه العادة قد تُفقدها بكارتها كما أشار الكثير من الأطباء، وقد قال الشيخ مصطفى الزرقا (أحد علماء الفقه): "وما كان مضرًّا طبيًّا، فهو محظور شرعاً، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء".
لذلك أقرّ جمهور العلماء بتحريمها، وأشار إلى ذلك مذهب المالكية والشافعية استنادًا لقول الله تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ" سورة المؤمنون الآيات من الخامسة إلى السابعة.
أما المذهب الحنفي، فقد أشار إلى أن العادة السرية محرّمة مع جوازها للأعزب إن خشي الوقوع في الزنا، وإن كان يريد فقط إطفاء شبقه الشديد وليس للوصول إلى اللذة الجنسية دون حاجة مُلحّة، وقد أيّد الحنابلة ذلك، ولكن أضاف المذهب الحنبلي أن ممارس العادة السرية دون ضرورة يستحق العقاب لأنه يفعل شيء من المحرمات قطعاً.
وعليه فإنه يحرُم على الشاب ممارسة العادة السرية وكذلك الفتاة، وعلى من يمارسها أن يتوقف عن ذلك ويتوب إلى الله عز وجل، وأن يسرِع في الزواج قدر المستطاع أو يصوم كما أرشد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فالانشغال بالعبادات هو طريق الخير والصواب، يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في رواية حكيم بن حزام (رضي الله عنه) بصحيح البخاري: "ومَن يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، ومَن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ".
حكم الاستمناء للمتزوج
أباح الله للمسلم أن يأتي زوجته وقتما يشاء لإفراغ شهوته، قال تعالى: "نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" سورة البقرة الآية رقم 223، وعليه فإن استمناء الزوج مُحرّم، إذ أنه يملك زوجة تعُفه ويمكنه أن يمارس معها العلاقة التي تُطفي حاجته الجنسية في أي وقت.
وإن كان مسافرًا وفي حاجة لإطفاء شهوته، فعليه بالبحث عن حل آخر غير العادة السرية، كاستدعاء زوجته، أو الصوم، أو الزواج من أخرى، لقول الله تعالى: "فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا" الآية الثالثة من سورة النساء.
حكم استمناء الزوج بيد زوجته
استنادًا إلى ما جاء في موقع "الإسلام سؤال وجواب" (المتخصص في الشريعة الإسلامية)، فإن استمناء الزوج بيد زوجته جائز وعكس ذلك صحيح، إذ أباح الله تعالى للزوجين الاستمتاع سويًا بأجساد بعضهما البعض، ولكن لا يجوز للزوج أن يمارس العادة السرية بيده، وكذلك الزوجة، حتى وإن كان لا يُرى أنه هناك فرق بين يد ممارس العادة ويد زوجته، فعلى المسلم أن يتحرى الحلال ويقوم بتطبيقه ويبتعد عما حرم الله.
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في رواية النعمان بن البشير ( رضي الله عنه) في صحيح البخاري: "الحَلَالُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أنْ يُوَاقِعَهُ، ألَا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألَا إنَّ حِمَى اللَّهِ في أرْضِهِ مَحَارِمُهُ، ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ".
حكم الاستمناء اثناء الصيام
يحرم على المسلم الاستمناء في أي من الأوقات، والقيام به في نهار رمضان يستوجب التوبة والندم الشديد على ذلك الفعل، ثم القضاء، لأن العادة السرية تُفطر، ولكن ليس على القائم بها في نهار رمضان أن يدفع كفارة، إذ جاء في موقع "الإمام ابن باز" أن الكفارة تختص فقط بمن جامع زوجته أثناء صيام الفريضة، والحكم يشمل أيضاً استمناء المرأة في رمضان، إذ يجب عليها أن تقضي الأيام التي أفطرت بها بناء على ذلك الفعل، وأن تندم ندمًا شديدًا وتعزم على ألا تعود إليه مجددًا.
حكم الاستمناء بيد الزوجة في رمضان
لا يجوز الاستمناء بيد الزوجة في نهار رمضان، لما في ذلك من إثارة لها قد يترتب عليها قضاء شهوتها (الإنزال)، كذلك سيكون إنزال الزوج سببًا في إفطاره، وإن كان غير صائمًا لسبب من الأسباب التي تبيح له ذلك، لا يجوز له أيضًا الاستمناء بيد زوجته، إذ ينبغي عليه ألا يُفسد صيامها.
أما إن كانت الزوجة صائمة صيام تطوّع وليس فريضة، فيجوز لها أن تستمني لزوجها، إذ أن خروجها من صيام التطوع لقضاء حق زوجها جائز، فقد قال "الإمام البهوتي" (الفقيه الحنبلي) في كتاب كشاف القناع: "ويجوز إخراج الزوجة من النفل؛ لحق الزوج؛ لأنه واجب، فيقدّم على النفل بخلاف الفرض".
المصدر: الدكتورة هبة قطب الإخصائية في الطب الجنسي والاستشارات الجنسية + موقع إسلام ويب + موقع إسلام أون لاين + موقع الدرر السنية.
تمت الكتابة بواسطة: مروة جمال أحمد.