من هو الشاعر عمر أبو ريشة وما هي أشهر قصائده

عمر أبو ريشة
من هو عمر أبو ريشة

شاعرٌ من الشعراء الذين أحدثوا نقلة نوعية في الشعر الحديث، وبرزوا بقوة بفضل مواقفهم الوطنية والقومية، إليك السيرة الذاتية عن الشاعر عمر أبو ريشة.

من هو عمر أبو ريشة؟

هو شاعر سوري ودبلوماسي ولد بتاريخ 10 أبريل/نيسان سنة 1910، في مدينة (منبج) السورية، حيث كان من أهم شعراء العصر الحديث، وتنحدر أصوله لعشيرة (الموالي) والتي كان لها نصيباً في المناصب السورية في أثناء الحكم العثماني.

ووالده هو (شافع بن الشيخ مصطفى أبو ريشة) والذي كان يشغل منصب (قائم مقام) في منبج والخليل، وأمه هي (خيرة الله بنت إبراهيم علي نور الدين اليشرطي) وهي ذات أصول فلسطينية من مدينة عكا.

وقد اهتم أباه به بشدة وبالأخص في تعليمه فعَمل على إدخاله للمدرسة النموذجية الابتدائية في مدينة حلب، ثم التحق عمر أبو ريشه بمدرسة أميركية في (بيروت) وفي المرحلة الجامعية درس في جامعة (مانشستر) في إنكلترا لدراسة الكيمياء.

حياة عمر أبو ريشة الشخصية والمهنية

تزوج عمر من منيرة مراد وهي ابنة رجل أعمال مقيم في الأرجنتين، وكانت رفيقة دربه في خطواته كـ سفير للبلدان، ويُعتقد أنه تزوج سراً أيضاً من (سعاد مكربل) سنة 1980م، وديانته هي الإسلامية.

تولى العديد من المناصب الدبلوماسية خلال حياته وفي الكثير من الدول الغربية، وتم منحه وشاح الثقافة من قبل دولة النمسا، وعُيّن أيضاً كـ عضو مهم في المجمع الهندي للثقافة العالمية.

وعُيّن كذلك الأمر كمرسل في مجمع اللغة العربية سنة 1948م، وعضو في الأكاديمية البرازيلية للأدب، علاوة على ذلك فإن الرئيس اللبناني (إلياس الهراوي) قد منحه وسام الاستحقاق اللبناني من الدرجة الأولى.

كما تم تعيينه سفيراً لسوريا في الولايات المتحدة الأمريكية سنة (1961-1963)، ووزيراً مفوضاً لسوريا في الأرجنتين وتشيلي.

مواقف عمر أبو ريشه الوطنية

تمّيز عمر بمواقف وطنية وقومية مؤثرة خاصةً أمام المستعمر الفرنسي إبان احتلاله لسورية في عام 1920م، فضلاً عن مواقفه الجريئة ضد الحكومة السورية بعد استقلالها سنة 1946م، مما جعل مواقفه القومية تكون أشد وطأةً من الوطنية منها.

كان للقدس أهمية خاصة في قلب عمر أبو ريشة فقد خصّها بأشعاره أكثر حتى من مدينة حلب التي ترعرع فيها.

فكان شديد التأثر بها لكونها قلب العروبة النابض، ودائم التنديد بالمستعمر الإنكليزي بها والذي يقرنه بالغزو الصليبي.

كما أنه كان شديد التجهم والكره لأفعال الحكّام العرب، حيث حمّلهم مسؤولية ضياع فلسطين والقدس على غرار اعتناقه للقضية الفلسطينية التي كانت تقدح زناد قريحته في كل مرة يقف فيها لإلقاء قصائده أمام الجماهير محاولاً بهذا أن يعالج ما يؤلمه ببعض المعاني الشعرية المؤثرة.

لذا فقد كان من كبار الشعراء في عصره، حيث أنه جمع بلغته المتغنية بحزمٍ وشعور في آنٍ معاً، سيمفونية تصدح ما بين الضرب بالرصاص وعزف القيثار.

من أشهر قصائد عمر أبو ريشة

يضم ديوان عمر أبو ريشة العديد من القصائد والأشعار المميزة، ولكن أكثرها شهرة هي:

1- قصيدة وداع

قفي، لا تخجلي مني فما أشقاك أشقاني،

كلانا مرَ بالنعمى مرور المُتعَبِ الواني،

وغادرها كومض الشوق في أحداق سكرانِ،

قفي، لن تسمعي مني عتاب المُدْنَفِ العاني،

فبعد اليوم لن أسأل عن كأسي وندماني،

خذي ما سطرتْ كفاكِ من وجدٍ وأشجانِ،

صحائفُ طالما هزتْ بوحيٍ منك ألحاني،

خلعتُ بها على قدميك حُلم العالم الفاني،

لنطوٍ الأمسَ ولنسدلْ عليه ذيل نسيانِ،

فإن أبصرتني ابتسمي وحييني بتحنانِ،

وسيري سير حالمةٍ وقولي كان يهواني.

2- قصيدة لوعة

خطُ أخـتي لم أكن أجهله إن أخـتي دائماً تــكـــتب لي،

حدثتني أمس عن أهلي وعن مضض الشوق وبُعد المنزل،

ما عـساها اليوم لي قائلة؟ أيُّ شيءٍ يا تـرى لم تقـلِ،

وفضضـت الطرس لم أعـثر على غـير سطرٍ واحدٍ مختزلِ،

وتهجيت بجهدٍ بعـضــه إن أختي كتبت في عـجل،

فـــيه شيءٌ عـن عليٍ مـبهــمٌ ربـما بعـد قليل ينجلي،

وتــوقفتُ ولـم أتممْ وبـي رعــــشاتُ الخائف المـبتهل،

وتراءى لي عـليٌّ كاسياً مــــن خـيوط الفجر أسنى حُلَلِ،

مـرِحَ اللفـتةِ مزهو الخطى سلس اللهــــجة حلو الخجل،

تسأل البسمةُ في مرشفه عـن مواعيد انسكاب القُبَلِ،

طـلعةٌ استقـــبل الدنــيا بها نــاعم البال بعـيد المأمل،

كم أتى يشــرح لي أحلامه وأمـانيه على المسـتقـبل،

قـال لي في كـبرياء إنـــه يعــرف الدرب لعـيش أفـضل،

إنه يكره أغلالي التي أوهـنت عزمي وأدمت أرجلي،

سوف يعطي في غـدٍ قريته خبرة العـلم وجهـد العمل،

وسـيبني بيـته في غايةٍ تـترامى فـوق سـفح الجبل،

وســأعتز به في غـده وأراه مثلاً للرجــــــل.

3- قصيدة أمتي

أمتي هل لك بين الأمم،

منبر للسيف أو للقلم،

أتلقاك وطرفي….. مطرق،

خجلا من أمسك المنصرم،

ويكاد الدمع يهمي عابثا،

ببقايا….. كبرياء….. الألم،

أين دنياك التي أوحت إلى،

وتري كل يتيم النغم،

كم تخطيت على أصدائه،

ملعب العز ومغنى الشمم،

وتهاديت كأني….. ساحب،

مئزري فوق جباه الأنجم.

4- قصيدة من أنت؟

من أنت كيف طلعت في دنـياي ما أبصرت فيا،

فـي مقلتيك أرى الحياة تـفيض يـنبوعا سخيا،

وأرى الـوجـود تـلفتا سـمحا وإيـماء شـهيا،

ألـممت أحـلام الصبا وخـلعت أكـرمها عليا،

مـهلا فـداك الـوهم لا تـرمي بـمئزرك الثريّا،

أنا في جديب العمر أنثر مـا تـبقى فـي يـديّا،

عودي إلى دنياك واجني زهـرها غـضا زكـيا،

يـكفيك مني أن تكوني فـي فـمي لـحنا شجيّا.

5- قصيدة هكذا تقتحم القدس

صـاح يـا عبد فرف الطيب واستعر الكأس وضج المضجع،

مـنتهى دنـياه نـهد شرس وفـم سـمح وخـصر طـيع،

بــدوي أورق الـصخر لـه وجـرى بـالسلسبيل الـبلقع،

فـإذا الـنخوة والـكبر على تـرف الأيـام جـرح موجع،

هـانت الـخيل على فرسانها وانـطوت تلك السيوف القطع،

والـخيام الـشم مالت وهوت وعـوت فـيها الرياح الأربع،

قال يا حسناء ما شئت اطلبي فـكـلانا بـالـغوالي مـولع،

أخـتك الـشقراء مـدت كفها فـاكتسى مـن كل نجم إصبع،

فـانتقي أكـرم مـا يهفو له مـعصم غـض وجـيد أتـلع،

وتـلاشى الـطيب من مخدعه وتــولاه الـسبات الـممتع.

6- قصيدة في طائرة

وثبت تستقـرب النجـم مجـالا،

وتهادت تسحب الذيـل اختيـالا،

وحيالـي غـادة تلعـب فــي،

شعرهـا المائـج غنجـا ودلالا،

طلعـة ريـا وشــيء بـاهـر،

أجمال جـل ان يسمـى جمـالا،

فتبسـمـت لـهـا فابتسـمـت،

وأجالـت فـي ألحاظـا كسالـى،

وتجاذبـنـا الأحـاديـث فـمـا،

انخفضت حسا ولا سفـت خيـالا،

كل حـرف زل عـن مرشفهـا،

نثـر الطيـب يمينـا وشـمـالا.

7- قصيدة عروس المجد

يا عروس المجد تيهي واسحبي،

فـي مـغانينا ذيـول الـشهب،

لـن تـري حـفنة رمل فوقها،

لـم تـعطر بدما حـر أبـيّ،

درج الـبـغي عـليها حـقبة،

وهــو ى دون بـلوغ الأرب،

وارتـمى كـبر الـليالي دونها،

لـين الـناب كـليل الـمخلب.

8- قصيدة عودة المغترب

نزع الخسيسَ من السلاح أمــامه،

واختـــــــــــــار منه أخسّهُ وتقلّدا،

ترك الحـصون إلى العدا متعثّراً،

بفراره، وأتــى الحمى مستأسدا،

وأزاحـــــــــــــت الأيام عنه نقابه،

فأطلّ مسخــــــــاً بالضلال مزوَّدا،

سكّيــــــــــــــنةٌ في شدقه، ولعابُه،

يجــري على ذكر الفريسة مُزبِدا،

ما كـــان هولاكـــــو ولا أشباهه،

بأضلّ أفئــــــــــــدةً وأقسى أكْبدا،

هذي حماة عروسة الوادي على،

كبْر الحـــــداد تجيل طرفاً أرمدا،

هذا صلاح الدين يخفي جرحــه،

عنها ويسأل: كيف جرحُ أبي الفدا.

وذُكر في بعض المصادر، أن هذه القصيدة قد كتبها الشاعر عمر أبو ريشه بعد عودته لبلده وسيقت تعابيره إبان تدمير حافظ الأسد لمدينة حماة وقصفها مع وجود تعتيم إعلامي لما حدث ولكنه أوصى بأن لا يتم نشرها إلا بعد وفاته.

وفاة عمر أبو ريشة

توفي الشاعر الكبير بتاريخ 15 يوليو/تموز سنة 1990م، عَقب إصابته بجلطة دماغية في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، حيث تم نقل جثمانه إلى مدينة حلب ودفنه فيها، وكُتب على شاهدة قبره الأبيات التالية من نظمه:

أن أبصروا هيكلي الموصدا،

إن يسألوا عني وقد راعهم،

لا تسمحي للحزن أن يولدا،

لا تقلقي لا تطرقي خشعة،

إن له في كوكب موعدا،

قولي لهم سافر قولي لهم.

تمت الكتابة بواسطة: فريال محمود لولك.

موقع محترفين العرب
موقع محترفين العرب
موقع محترفين العرب البوابة الشاملة للمحتوى العربي بكل جوانبه ومجالاته.
تعليقات