قصة رحلة الإسراء والمعراج كاملة

رحلة الإسراء والمعراج
تفاصيل رحلة الإسراء والمعراج

قال تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا"، فرحلة الإسراء والمعراج معجزة مليئة بالتفاصيل.

رحلة الإسراء والمعراج

هي معجزة إلهية أنعم الله بها على رسوله (صلى الله عليه وسلم) بعدما نال الحزن من قلبه لعدة أسباب، وهي وفاة زوجته خديجة (رضي الله عنها)، وعمه أبي طالب، محاربة الكفار للدعوة الإسلامية وأذية أهل الطائف.

فكانت تلك الرحلة بمثابة تنقية لقلب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الغم والهم وتجديداً لإيمان من اتبعوه، ودعوة لمن كفروا بما جاء به للإيمان بقدرة الله عز وجل.

بداية رحلة الإسراء والمعراج بالتفصيل

بحسب ما جاء في موقع "إسلام ويب" (المتخصص في السيرة النبوية) فإن قصة الإسراء والمعراج بدأت بنزول جبريل بصحبة ملكين آخرين إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقاموا بشق صدره.

روي مالك بن صعصعة الأنصاري في صحيح مسلم عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "بَيْنا أنا عِنْدَ البَيْتِ بيْنَ النَّائِمِ والْيَقْظانِ، إذْ سَمِعْتُ قائِلاً يقولُ: أحَدُ الثَّلاثَةِ بيْنَ الرَّجُلَيْنِ، فَأُتِيتُ فانْطُلِقَ بي، فَأُتِيتُ بطَسْتٍ مِن ذَهَبٍ فيها مِن ماءِ زَمْزَمَ، فَشُرِحَ صَدْرِي إلى كَذا وكَذا، قالَ قَتادَةُ: فَقُلتُ لِلَّذِي مَعِي ما يَعْنِي قالَ: إلى أسْفَلِ بَطْنِهِ، فاسْتُخْرِجَ قَلْبِي، فَغُسِلَ بماءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أُعِيدَ مَكانَهُ، ثُمَّ حُشِيَ إيماناً وحِكْمَةً".

ثم أتى جبريل بالبراق فركبه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وانطلقا سوياً من البيت الحرام إلى المسجد الأقصى، وقد وصف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) البراق قائلاً: "أُتِيتُ بدابَّةٍ أبْيَضَ، يُقالُ له: البُراقُ، فَوْقَ الحِمارِ، ودُونَ البَغْلِ، يَقَعُ خَطْوُهُ عِنْدَ أقْصَى طَرْفِهِ".

احداث رحلة المعراج

وصل البراق إلى بيت المقدس، فالتقى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالأنبياء وصلى بهم جميعاً، ثم أُعرج برسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى السماء، حيث قال: "فَانْطَلَقْتُ مع جِبْرِيلَ حتَّى أتَيْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، قيلَ: مَن هذا؟ قالَ جِبْرِيلُ: قيلَ: مَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ، قيلَ: وقدْ أُرْسِلَ إلَيْهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قيلَ: مَرْحَباً به، ولَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فأتَيْتُ علَى آدَمَ، فَسَلَّمْتُ عليه، فَقالَ: مَرْحَباً بكَ مِنَ ابْنٍ ونَبِيٍّ".

فقد قابل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الأنبياء مرة أخرى في السماوات إذ بدأ بأبو الأنبياء ثم عيسى ويحيى، حيث قال: "فأتَيْنَا السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، قيلَ مَن هذا؟ قالَ: جِبْرِيلُ، قيلَ: مَن معكَ؟ قالَ: مُحَمَّدٌ، قيلَ: أُرْسِلَ إلَيْهِ، قالَ: نَعَمْ، قيلَ: مَرْحَباً به، ولَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ، فأتَيْتُ علَى عِيسَى، ويَحْيَى فَقالَا: مَرْحَباً بكَ مِن أخٍ ونَبِيٍّ".

ثم بعد ذلك التقى الرسول بيوسف في السماء الثالثة، ثم نبي الله إدريس في السماء الرابعة، ثم نبي الله هارون في السماء الخامسة، ثم نبي الله موسى عليه السلام في السماء السادسة، والذي بكى عقب رؤيته لخاتم المرسلين، إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"فأتَيْتُ علَى مُوسَى، فَسَلَّمْتُ عليه، فَقالَ: مَرْحَباً بكَ مِن أخٍ ونَبِيٍّ، فَلَمَّا جَاوَزْتُ بَكَى، فقِيلَ: ما أبْكَاكَ: قالَ: يا رَبِّ هذا الغُلَامُ الذي بُعِثَ بَعْدِي يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِن أُمَّتِهِ أفْضَلُ ممَّا يَدْخُلُ مِن أُمَّتِي"، ثم قابل خاتم المرسلين إبراهيم عليه السلام في السماء السابعة، فقد التقى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالأنبياء في السماوات العلا وتحدث إليهم لتشير المعجزة الإلهية إلى مدى ارتباط ما كانوا يدعون إليه بما جاء به خاتم المرسلين.

ثم رأى البيت المعمور حتى بلغ سدرة المنتهى وهي عبارة عن شجرة ضخمة تشبه ثمارها الجرار كبيرة الحجم، ولها أوراق مثل آذان الأفيال، وهناك تمكّن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من رؤية صورة جبريل الملائكية، إذ كان يتساقط الدر والياقوت من أجنحته والتي بلغ عددها ستمائة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"فَرُفِعَ لي البَيْتُ المَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقالَ: هذا البَيْتُ المَعْمُورُ يُصَلِّي فيه كُلَّ يَومٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ، إذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إلَيْهِ آخِرَ ما عليهم، ورُفِعَتْ لي سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا كَأنَّهُ قِلَالُ هَجَرَ ووَرَقُهَا، كَأنَّهُ آذَانُ الفُيُولِ في أصْلِهَا أرْبَعَةُ أنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، ونَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقالَ: أمَّا البَاطِنَانِ: فَفِي الجَنَّةِ، وأَمَّا الظَّاهِرَانِ: النِّيلُ والفُرَاتُ".

حديث الخمسين صلاة في رحلة المعراج

بحسب ما جاء في "كتاب المختصر الكبير في سيرة الرسول" للعز ابن جماعة بالمكتبة الشاملة فإن رسول الله قد بلغ إلى مستوى قريب من الله عز وجل سمع به صريف الأقلام، فناجى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ربه فأوحى إليه ما أوحى، وأنزل عليه خواتيم سورة البقرة، ثم فرض عليه وعلى الأمة الإسلامية الصلاة، فقد روى مالك بن صعصعة الأنصاري في صحيح البخاري عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال:

"فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً، فأقْبَلْتُ حتَّى جِئْتُ مُوسَى، فَقالَ: ما صَنَعْتَ؟ قُلتُ: فُرِضَتْ عَلَيَّ خَمْسُونَ صَلَاةً، قالَ: أنَا أعْلَمُ بالنَّاسِ مِنْكَ، عَالَجْتُ بَنِي إسْرَائِيلَ أشَدَّ المُعَالَجَةِ، وإنَّ أُمَّتَكَ لا تُطِيقُ، فَارْجِعْ إلى رَبِّكَ، فَسَلْهُ، فَرَجَعْتُ، فَسَأَلْتُهُ، فَجَعَلَهَا أرْبَعِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ، ثُمَّ ثَلَاثِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عِشْرِينَ، ثُمَّ مِثْلَهُ فَجَعَلَ عَشْراً، فأتَيْتُ مُوسَى، فَقالَ: مِثْلَهُ، فَجَعَلَهَا خَمْساً، فأتَيْتُ مُوسَى فَقالَ: ما صَنَعْتَ؟ قُلتُ: جَعَلَهَا خَمْساً، فَقالَ مِثْلَهُ، قُلتُ: سَلَّمْتُ بخَيْرٍ، فَنُودِيَ إنِّي قدْ أمْضَيْتُ فَرِيضَتِي، وخَفَّفْتُ عن عِبَادِي، وأَجْزِي الحَسَنَةَ عَشْراً".

رؤية رسول الله للجنة والنار

رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في رحلة المعراج نهر الكوثر الذي منحه الله إياه، فقد روى أبو موسى الأشعري عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم):" ثُمَّ مَضَى به في السَّمَاءِ، فَإِذَا هو بنَهَرٍ آخَرَ عليه قَصْرٌ مِن لُؤْلُؤٍ وزَبَرْجَدٍ، فَضَرَبَ يَدَهُ فَإِذَا هو مِسْكٌ أذْفَرُ، قالَ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ الذي خَبَأَ لكَ رَبُّكَ".

ورأى نعيم الجنة حيث روى أبو ذر الغفاري في صحيح البخاري عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "ثُمَّ أُدْخِلْتُ الجَنَّةَ، فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وإذَا تُرَابُهَا المِسْكُ"، ثم رأى النار وعذاب أهلها، فقد روى أنس بن مالك عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "لما عُرِجَ به مَرَّ على قومٍ لهم أظافرٌ من نحاسٍ يخمشون بها وجوهَهم وصدورَهم فقال: يا جبريلُ من هؤلاء؟ فقال: هؤلاءِ الذين يأكلون لحومَ الناسَ ويقعون في أعراضِهم".

كذلك رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ماشطة ابنة فرعون ومالك خازن النار، وآتاه جبريل بإناءين، فقد روى أبو هريرة في صحيح البخاري عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: "أنَّ رَسولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) أُتِيَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ به بإيلِيَاءَ بقَدَحَيْنِ مِن خَمْرٍ ولَبَنٍ، فَنَظَرَ إلَيْهِمَا، ثُمَّ أخَذَ اللَّبَنَ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، ولو أخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ".

موقف أهل قريش من رحلة الإسراء والمعراج

لم يُصدق أهل قريش ما حدثّهم به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن رحلة الإسراء والمعراج، فمنهم من ارتدّ ومنهم من تعجب، فسأله بعض منهم عن وصف بيت المقدس، لكن الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) لم يبق فيه الوقت الطويل الذي يُمكّنه من وصفه لهم، فمثّل الله له صورة بيت المقدس كما لو أنه يقف أمامه، فوصفه بدقة بالغة، حتى تعجب أهل قريش.

كذلك أعطى لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بياناً آخر عن صدقه، إذ أخبرهم عن قافلة قد رآها في عودته بينما كانت قادمة، حينها انطلق نفر من بني قريش إلى الصديق أبو بكر (رضي الله عنه)، فأخبروه بما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقد روت عائشة بنت أبي بكر:

"لمَّا أُسْريَ بالنَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) إلى المَسجِدِ الأقْصى أصبَحَ يَتحدَّثُ النَّاسُ بذلك، فارتَدَّ ناسٌ ممَّن كانوا آمَنوا به وصَدَّقوه، وسعَوْا بذلك إلى أبي بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، فقالوا: هل لكَ إلى صاحِبِكَ يَزعُمُ أنَّه أُسْريَ به اللَّيلةَ إلى بَيتِ المَقدِسِ، قالَ: أو قالَ ذلك؟ قالوا: نعمْ، قالَ: لَئنْ كانَ قالَ ذلك لقد صدَقَ، قالوا: وتُصدِّقُه أنَّه ذهَبَ اللَّيلةَ إلى بَيتِ المَقدِسِ وجاءَ قبلَ أنْ يُصبِحَ؟ قالَ: نعمْ، إنِّي لأُصدِّقُه فيما هو أبعَدُ من ذلك، أُصدِّقُه بخَبرِ السَّماءِ في غَدْوةٍ أو رَوْحةٍ؛ فلذلك سُمِّيَ أبو بَكرٍ الصِّدِّيقَ".

تاريخ رحلة الاسراء والمعراج

بحسب ما أشار إليه الشيخ عثمان الخميس، فإن تاريخ رحلة الإسراء والمعراج غير معروف، إذ قيل إنها كانت قبل الهجرة بسنة واحدة وقد أجمع ابن حزم (العالم الإسلامي) على ذلك، وقيل قبلها بسنتين وقيل قبل الهجرة بخمس سنوات.

كذلك اختلف العلماء في يومها وأي شهر كانت، حيث أجمع النووي (محدث وفقيه ولغوي) وابن الأثير (محدث ومؤرخ) أنها كانت في ربيع الأول، بينما قال عدد كبير من العلماء إنها كانت في شهر رجب، لكن ميقاتها المؤكد لا يعلمه إلا الله.

دروس وعبر من رحلة الاسراء والمعراج

تحتوي رحلة الاسراء و المعراج على الكثير من الدروس والعظات، ومنها:

  • رحمة الله عز وجل بعباده، فقد أنعم على رسوله بهذه الرحلة بعد حزن دام لوقت طويل، كما أنه خفف على عباده فريضة الصلاة.
  • قدرة الله تعالى التي يعجز العقل البشري عن استيعابها، فقد كانت مدة رحلة الإسراء والمعراج ليلة واحدة أو بضع ساعات منها، بالرغم من أن السفر وحده من البيت الحرام إلى البيت المقدس كان يستغرق أياماً طوال في هذه الآونة، علماً بأن الإسراء كان بالجسد والروح معاً.
  • مكانة الصلاة العالية، إذ أنها فُرضت في حدث جلل في السماوات العلا.
  • بيان مدى صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
  • اختبار قوة إيمان المسلمين وبيان المُكذّبين.
  • مكانة بيت المقدس في الدين الإسلامي ومدى ارتباطه بالبيت الحرام.

تمت الكتابة بواسطة: مروة جمال أحمد.

author-img
موقع محترفين العرب

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent