![]() |
أرقى تعبير عن الشتاء |
ها هو الشتاء قد جاء يرتدي ثوباً من الفضّة، يلوّح بسحائب بيضاء كأنها قطن، ويُنثر بريقاً على كل شيء، لذا حاولت الحروف أن توصفه بكتابة تعبير عن الشتاء علّه ينصفه.
1- تعبير عن الشتاء (أيام الشتاء تمكّنت مني)!
وفيما كنتُ ألملم حاجتي وأعتكف أوراق دفاتري، سمعت صوت نقرات المطر على النافذة تُبشرني بقدوم الفصل الأحب إلى قلبي!.
فصل الشتاء، والذي يستسيغ فكرة التلذذ بعواطفي بما يجعلها تفيض خائرة على صفحات الورقِ.
وبينما كانت تتساقط قطرات المطر، نظرت من النافذة لأتأملها وأراقب هذا الهدوء رغم ضجيج العالم في الخارج، أوقدت المدفأة لأن الشتاء باغتنا هذه المرة على حين غرة، وفيما أُوقد النار التفتت أناملي نحو الراديو، فقمت بتشغيله وإذ بصوت فيروز يدندن بلحنه العذب (رجعت الشتوية، ضل افتكر فيي ضل افتكر فيي رجعت الشتوية).
آهٍ لهذا الصوت الذي يُلقي بترانيمه أوصاف كل شيء بدقة، لهذه الشتوية طعمٌ آخر، ورغم البرد القارس إلا أن أجواء الشتاء تُلهب ما في القلب من مشاعر، وتدفئ الروح بما تكسيها من عواطف، إن الشتاء الذي يحمل في طرفه الهدوء، قد استساغ أن يوقد قلوب العاشقين حباً، لتجد الأم تبحث عن الدفء في أحضان ولدها.
والأخوات يبحثون عن الدفء بين كفوف بعضهم البعض، والمحبيّن يبحثون عن الدفء بين عبرات العيون، وبهذا استطاع الشتاء أن ينثر ببرودته توهج المشاعر لتدفئ تجاويف القلب والروح.
وقفت فيروز عند مطلع الكوبليه لتقول: (ياحبيبي الهوى غلاب، عجل وتعى السنة ورا الباب، شتوية وضجر وليل، وانا عم بنطر على الباب، ولو فيي يا عينيي خبيك بعينيي).
وهنا أيقنت أن فيروز ناشدت حبيبها لتدفئ جوارحها ورأت في الشتاء ضجراً دون الحبيب، فهل فهمتم مقصدي؟
وهنا أغلقت دفاتري وعدت أتأمل أجواء الشتاء الماطرة بغيومها المكتسحة أرجاء السماء، والمارة يتراكضون ممسكي الأيادي ليتظللوا تحت أسقف الأبنية، بينما أنا أبعث مشاعري لتفيض بالشتاء حباً.
2- تعبير (الشتاء أقسم أن يجعلني أهيم به حباً)
الشتاء في الخارج يدنو إلينا رويداً رويداً، لنلتحف بالأغطية ونجلس أنا وعائلتي بجانب بعضنا البعض، وحينها تأملنا لبرهة كَم العاطفة التي يبعثها الشتاء بمجيئه، إذ أنه الفصل الأقرب لقلوب المتأملين، ببرودته وثلوجه وأجوائه الماطرة، ببصيص الشمس الذي يمر بين تلافيف الغيوم بعد المطر، بسكينة الروح وأجواء العائلة حول المدفأة.
كلها أموراً حبذا عشقها والهيام بها، فيا ليت الشتاء لا يرحل يوماً، وتبقى العائلة مجتمعة حول المدفأة والأطفال الصغار يلعبون بالدمى وصوت القهقهات تخترق جدران المنزل، والأحاديث الجانبية للجميع على إضاءة الشموع والمدفأة، جميعها أموراً تجعلني أذوب من فرط الهيام بها.
إنه الشتاء، ببرودته التي تجعل أسنانك تصطك فيما بينها، وفي أنفاسك محاولاتٌ بائسة لتدفئ أناملك، إنه الملابس الصوفية اللطفية التي تغطي جسمك، وسكينة الروح في منزل العائلة، إنه كل شيء ولا شيء يعبر عنه، لذا سأتأمل الآن هذا المنظر البهي، للفصل الأحب إلى قلب الشعراء والعاشقين، وسأقول لا مرحباً بالرحيل بل رجائي أن تكون فصلاً دائماً إلى أبد الآبدين.
3- تعبير (أيا فصل الشتاء هلّا عاهدتني ألا تطيل المغيب؟)
ننتظر فصل الشتاء بترقب، لكونه فصل الخير والعطاء، فصلٌ يبعث على السكينة والسلام، ويُشعرك بقيمة الذات، عندما تختلي بأفكارك بين جدران المنزل، فتراقب بصمت كل ما يدور حولك وتفهمه أكثر، أو حتى تقرأ كتاباً والذي يعتبر رفيق الشتاء، رفيقه المقرب وملازماً له، لأنه الأنسب لمشاركتك أجواء البرودة وكوب الشاي.
عندما يطلّ الشتاء، تقطع الشمس الغيوم بشعاعٍ يكاد يتلاشى ويظهر في بهاء، ويقطع حبل أفكارك مظهر الأمطار على الزجاج وحركات أنامل الأطفال التي ترسم بأنفاسها عليه أحلى الرسمات.
إنه الفصل المتفاخر بقدرته على إطالة البقاء، وفيما هو زائراً يمنح لكل تفصيل لذةً وهناء، إذ تجد أن صوت التلفاز في لمة العائلة له ترياقاً يشفي كل سمٍّ وداء، أو حتى طعم الكستناء!!.
على الموقد أو صوت الأطفال تهجي ألف باء، مع كوب الشاي أو حتى كوب النسكافيه أو ما تبغى لكي تسعد فتنال، إنه العتمة الباردة الشهية التي تجعل التحاف فراشك البسيط يساوي فراش أثرى الأثرياء.
إنه السعادة عند مشاهدة حلقات (أهل الغرام)، أو أيّ مسلسلٍ قديم يحكي قصصاً عن الزمن البسيط الذي غاب ولكن هيهات.
هيهات أن لا تحيا ذكرى كل جميلٍ حتى الممات، كل هذا يفعله فصل الشتاء، فما بالك فيما تفعله نسماته الباردة وأنت مع المحبوب في لقاء؟.
فمالك لا تعشق مثل هذا الفصل الذي يبعث في برودته أفواجاً من العواطف التي تشتهي من يحتويها فتبكي كالغيث بعد سنيناً عجاف؟
أياك ثم أياك أن تنكر أنه فصل الخير والعطاء، فصل الحساء الساخن وطعم السكينة من أيادي الأمهات.
تمت الكتابة بواسطة: فريال محمود لولك.