recent
أخر المشاركات

معلومات عن ثغرة الدفرسوار في حرب أكتوبر

ثغرة الدفرسوار
ماهي ثغرة الدفرسوار

تُعد ثغرة الدفرسوار علامة فارقة ولحظة حاسمة في تاريخ حرب أكتوبر بعد أن حولت الصعوبات والتحديات إلى نصر عظيم، فلماذا سميت بهذا الاسم وما هدفها؟ 

ما هي ثغرة الدفرسوار؟

كانت هذه الثغرة واحدة من أبرز وأهم اللحظات في تاريخ حرب أكتوبر عام 1973ميلاديًا، فهي لم تكن مجرد موقع جغرافي بل كانت رمزًا للنصر والبطولة والصمود، وتقع على الجانب الغربي من قناة السويس المصرية تفصل بين القناة ومدينة الإسماعيلية فهي منطقة صغيرة ذات موقع استراتيجي متميز وتضاريس متنوعة ساعدت الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ عمليات عسكرية معقدة نجحت في اختراق الدفاعات المصرية، ورغم ذلك تحولت لنقطة انتصار في النهاية، أما عن مفهوم الثغرة هي أحد أنواع المعارك الحربية التي تقوم بها قوة سريعة تهدف إلى تحطيم تماسك القوة الأخرى وجعلها في مواضع ضعف، بالإضافة إلى الانتشار وراء خطوطها وتهديد المواصلات ومراكز القيادة للطرف الآخر.

خلفية تاريخية عن حرب أكتوبر

تعود جذور الصراع العربي الإسرائيلي عندما أرادت إسرائيل إنشاء وطن قومي لتوطيد منزلة اليهود في فلسطين في عام 1948 ميلاديًا، تسبب ذلك في بدأ نزاع مُسلح مع الدول العربية المجاورة للمنطقة، ومنذ ذلك الوقت شهدت المنطقة حروبًا وصراعات مستمرة كان من أبرزها حرب 1967 ميلاديًا التي كانت بمثابة نَكسة للدول العربية حيث أدت إلى احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة ومرتفعات الجولان السورية وسيناء، وفي عام 1973 ميلاديًا انتفضت مصر لتحرير الأراضي من بطش إسرائيل ومنعهم من الاستيلاء على البقية.

ما سبب تسمية ثغرة الدفرسوار بهذا الاسم؟

يرجع ذلك نظرًا إلى موقعها الجغرافي الذي وقعت فيه وهو منطقة "الدفرسوار" على الضفة الغربية لقناة السويس، وهي منطقة تقع بين مدينتي الإسماعيلية والسويس، وتميزت بموقعها الاستراتيجي حيث كانت نقطة ضعف نسبية في خط الدفاع المصري على طول القناة، وكانت البداية والتمهيد للقوات الاسرائيلية لدخول مدينة الإسماعيلية.

التخطيط وبداية ثغرة الدفرسوار

اقترحت إسرائيل بقيادة (أرييل شارون) بالتسلل عبر ثغرة الدفرسوار والالتفاف خلف الخطوط المصرية، بهدف استغلال تلك الثغرة في الدفاعات المصرية التي لم تكن محصنة جيدًا نظرًا لتضاريسها الصعبة، وذلك بهدف إرباك القوات المصرية وإجبارهم على التراجع بعد أن تمكنوا من اختراق خط بارليف الشهير، لذلك بحثت إسرائيل عن طرق لاستعادة زمام الأمور.

قامت إسرائيل بعبور قناة السويس عند منطقة الدفرسوار باستخدام قوارب مطاطية وذلك يوم 15 أكتوبر 1973 ميلاديًا، وحاولت القيادة المصرية لَم شملها والتصدي لهذا الهجوم الغاشم ولكن دون جدوى، حيث تمكن الإسرائيليين من بناء جسر عائم سريعًا لنقل المعدات الثقيلة والدبابات عبر القناة، ومع توسع الثغرة قامت إسرائيل في التوغل داخل الأراضي المصرية باتجاه الغرب مُستهدفة مراكز القيادة والإمدادات للجيش المصري.

ونفذت إسرائيل عملية ثغرة الدفرسوار باستخدام تكتيكات غير تقليدية مستندين على عنصر المرونة والسرعة، حيث اعتمدت على عمليات التمويه والتضليل للإيحاء بأن قواتهم كانت تنوي شن هجوم في مواقع أخرى بعيدًا عن منطقة الدفرسوار، تسبب ذلك في مواجهة القوات المصرية تحديات لوجستية لمحاولة تأمين المنطقة ومنع توسع الثغرة، وأصدرت القيادة المصرية أوامر بمحاولة إغلاق الثغرة ومنع توسعها ولكن كل هذا لم يكن كافي أو فعال بما يكفي لوقف التقدم الإسرائيلي.

صورة من حرب أكتوبر ثغرة الدفرسوار
صورة من حرب أكتوبر ثغرة الدفرسوار

ما هي أسباب ثغرة الدفرسوار؟

  • سعي إسرائيل لتحسين الوضع قبل اتفاقية وقف إطلاق النار.
  • نظرية المؤامرة الأمريكية الإسرائيلية، بالإضافة إلى القرار السياسي الخاطئ وتدخل السياسة في العمل العسكري.
  • ضغط صغار الضباط والقادة الميدانيين ورغبتهم في استكمال الحرب لمواصلة النصر وهم من الرتب الصغرى.
  • تقليل الضغط على الجَبهة السورية.

العوامل التي ساعدت على نجاح الثغرة

  • التخطيط الاستراتيجي: كان التخطيط العسكري الإسرائيلي مدروسًا مستغلًا عنصر المفاجأة بشكل فعال، حيث أنها استغلت الفراغات بين الفِرق العسكرية المصرية واتخذت من منطقة الدفرسوار مكانًا عسكريًا لهم.
  • الروح المعنوية: كانت الروح المعنوية للقوات المصرية مُترددة بين الحين والآخر، تارة يغلبهم الوَهن ولكن أغلب الوقت كانوا يعتَدون بالشجاعة والقوة.
  • الدعم العربي: حازت القوات المصرية دعمًا من الدول العربية الأخرى بعد عملية الثغرة، مما أعطى زخمًا إضافيًا ومقاومة من قِبلهم ضد الجيش الإسرائيلي.

نهاية حرب أكتوبر وتأثير الثغرة على المفاوضات

شكلت الثغرة نقطة ضغط كبيرة على الجانب المصري وذلك خلال الوقت الذي كانت القوات المصرية تحقق فيه نجاحات على الجبهة الشرقية لقناة السويس، كانت الثغرة تؤدي إلى تهديد الجبهة الداخلية في مصر مما دفع إسرائيل إلى البحث عن حلول سياسية سريعة لهذا الوضع المعقد، حيث انتهت حرب أكتوبر بشكل رسمي ونهائي في 24 أكتوبر عام 1973 ميلاديًا بعد أن قامت الأمم المتحدة بإصدار أمر وقف إطلاق النار وإعلان الهدنة، بالإضافة إلى غاية مفاوضات (الكيلو 101) التي كانت بين الجانب المصري والإسرائيلي في 11 نوفمبر 1973 ميلاديًا، وأعطت الثغرة ميزة تفاوضية لإسرائيل، إلا أن الحرب أظهرت بشكل عام قدرة الجيوش العربية على مواجهة القوات الإسرائيلية، مما ساهم في تغيير المعادلات السياسية في المنطقة.

نهاية حرب أكتوبر
نهاية حرب أكتوبر

تأثير ثغرة الدفرسوار على العلاقات العربية الإسرائيلية

تُمثل الثغرة نقطة تحول في العلاقات العربية الإسرائيلية، حيث ساهمت في إعادة تشكيل المشهد السياسي في المنطقة ووضعت أسسًا جديدة للتفاوض من أجل السلام، ومن أبرز النتائج التالي:

  • تعزيز موقف مصر الدبلوماسي: أصبحت مصر في موقف قوي خلال المفاوضات وذلك بعد الانتصارات العسكرية التي تم تحقيقها في الثغرة، وهذا الانتصار ساعد في تأسيس مصر كقوة رئيسية في المنطقة.
  • تغير الاستراتيجيات العسكرية: أظهرت الثغرة قدرة الجيوش العربية على مواجهة إسرائيل، مما دفع الجيش الإسرائيلي إلى إعادة تقييم استراتيجياته العسكرية والتخطيط لأي صراعات مستقبلية.
  • عملية السلام: دفعت النتائج العسكرية مصر نحو التفاوض من أجل السلام، مما أدى ذلك إلى توقيع اتفاقية (كامب ديفيد) عام 1978 ميلاديًا وهي أول اتفاقية سلام بين إسرائيل ودولة عربية.
  • تقسيم التحالفات العربية: أدت النتائج العسكرية إلى تباين في ردود الفعل بين الدول العربية حيث بدأت بعض الدول في التفكير بجدية في السلام مع إسرائيل، بينما ظلت دول أخرى متمسكة بمواقفها المعادية.
  • تأثيرات على القضية الفلسطينية: عززت الحرب من أهمية القضية الفلسطينية في المفاوضات، حيث أدركت الأطراف المَعنية أنه لا يمكن تحقيق سلام دائم دون معالجة حقوق الفلسطينيين.
  • تغير الرأي العام: أضافت حرب أكتوبر شعورًا بالفخر لدى الشعوب العربية، مما أثر على الرأي العام ودفع المزيد من الدول إلى التفكير في آليات للحوار والسلام.
  • تعزيز التعاون العربي: أدت الأحداث إلى تعزيز التعاون بين بعض الدول العربية في مجالات الدفاع والسياسة، حيث بدأوا في تبادل التجارب والخبرات العسكرية.

الدروس المستفادة من ثغرة الدفرسوار

شكلت الثغرة درسًا مهمًا للعديد من الجيوش حول العالم في كيفية التعامل مع الأزمات العسكرية غير المتوقعة، ومن بين الدروس المستفادة:

  • أهمية الاستعداد الكامل: حتى في حالة النجاح الأولي، يجب أن تكون القوات مستعدة لمواجهة أي اختراق محتمل من العدو.
  • المرونة في التخطيط: أهمية القدرة على تعديل الخطط وفقًا لتطورات المعركة، وهو ما نجحت فيه إسرائيل بفضل التخطيط المرن والقيادة الجريئة.
  • الدعم الجوي الحاسم: أثبتت الحرب مرة أخرى أهمية السيطرة الجوية في تأمين العمليات البرية وتوفير الغطاء اللازم لتحركات القوات.

الجدير بالذكر، أن ثغرة الدفرسوار أصبحت علامة بارزة في التاريخ العسكري العربي، وذلك بعد أن جسدت الشجاعة والبطولة والنصر، فهي لم تكن مجرد معركة بل كانت لحظة فارقة في مسار الصراع العربي الإسرائيلي، حيث أظهرت قدرة العرب على مواجهة التحديات، بالإضافة لإعطائنا دروسًا مستفادة من هذه التجربة لا تزال تُدرس حتى اليوم، حيث تظل روح النضال والصمود حية في قلوب الأجيال الجديدة.

تمت الكتابة بواسطة: جيهان جهاد محمد فتحي.

author-img
موقع محترفين العرب

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent