recent
أخر المشاركات

قصة سيدنا يوسف بشكل مختصر والعبر المستخلصة منها

قصة سيدنا يوسف
ما قصة سيدنا يوسف

من القصص المأثورة التي تعلّمنا أن الصبر هو مفتاح كل فرج وعلى الله فليتوكل المؤمنون، إليكم قصة سيدنا يوسف التي تؤثر في قلب كل مؤمن.

قصة سيدنا يوسف

تلك القصة تعد من أقرب القصص إلى قلبي وتمنحك العبرة في كَرم الله وعطاءه ولو بعد حين وكيف أن للصبر حصاد نتاجٍ يثمر القلب بالفرح والسرور والحمد لنعمه ومجازاته للمحسنين الصابرين، وهي إحدى القصص التي ذُكرت في القرآن، فقد كان لهذا النبي مكانةً كبيرة في قلب أبيه النبي يعقوب، مما بثّ في قلوب أخوته حقداً وكرهاً له بسبب تفضيله على الدوام لدى أبيه، ليأتي يوسف في إحدى الأيام ويقصّ على أبيه حلماً رأه ولم يفهمه، وهو أن الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً يسجدون له، ليخبره والده بأن يحتفظ بتلك الرؤيا ولا يقصّها على إخوته خوفاً منهم لأن يحاولوا أذية يوسف.

تلخيص قصة سيدنا يوسف

كان عدد إخوة يوسف أحد عشر أخ، وبينهم أخٌ واحداً يحب يوسف ويبادله يوسف المحبة وهو أخيه (بينيامين)، ولكن بقية الأخوة لم يستطيعوا أن يخفوا تلك الغيرة والكره الذي يكنونه ليوسف إلى أن تشاوروا فيما بينهم وقرروا أن يتخلصوا من يوسف، ولكي ينفذوا فعلتهم طلبوا من أبيهم أن يسمح لهم باصطحاب يوسف معهم، ليرفض سيدنا يعقوب من أن يأخذوه معهم مخافة أن يأكله الذئب، إلى أنه في النهاية اقتناع بعد إصرارهم على الاهتمام به، وحينما ذهبوا توقفوا عند بئرٍ ورموا يوسف عليه السلام فيه، وركضوا إلى أبيهم مدّعين الحزن والبكاء على ما حدث ليوسف ومخبرين إياه أن الذئب قد أكله وأعطوه قميص يوسف الملطخ بالدم حتى يصدق تلك القصة التي يقولونها، إلى أن يعقوب عليه السلام لم يصدق وقال لهم:{بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ).

قصة سيدنا يوسف عليه السلام في البئر

بقي يوسف منتظراً فرج الله داخل هذا البئر المظلم، إلى أن مرّت قافلة وألقت بدلوها في البئر وعندما رفعوا الدلو وجدوا سيدنا يوسف عليه، ليستبشروا القوم برؤيته ويقول أحدهم:(يَا بُشْرَىٰ هَٰذَا غُلَامٌ)، فأخذوه وادّعوا أنه ملكهم، وعندما علم إخوته بأن أحد الناس اشتروه، دفعوا أموالاً طائلة لشرائه منهم ومن ثم باعوه لشخصٍ من مصر وقد كان وزيراً فيها آنذاك، ليأتي في قول الله تعالى ما يبين وصف هذا المشهد عندما اشتراه ذاك الرجل وأتى مخبراً لزوجته بأمر هذا الغلام قائلاً:{ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا}.

قصة حب زليخة لسيدنا يوسف

نشأ يوسف في بيت العزيز وزوجته، وعندما اشتد عوده، حاولت امرأته (زليخة) أن تشده وتوقعه في الفاحشة نظراً لكونه بارع الجمال، لكن يوسف تذكر الله تعالى وتذكر فضل العزيز لذا قال:{مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}، وعندما حاول الهرب منها بعدما أخبرها برفضه في استدراجها له، ركضت خلفه وشدّت قميصه إلى أن مُزّق جزءاً منه في يدها، وعندها وصل زوجها فناشدته بأن يوسف يحاول إغوائها والتقرب منها.

قصة سيدنا يوسف و مكر النسوة

علمت نسوة المنطقة بأمر امرأة العزيز ومدى هيامها بيوسف عليه السلام وبدأن يتناقلن أطراف الحديث عنها، وعندما علمت بهذا قررت أن تفسر لهم سبب فعلتها تلك، فعملت على إعداد سفرة طعامٍ ودعوتهنّ جميعاً، وعندما وصلن النساء إلى الدعوة وجلسنّ، أخبرتهم بأن يمسكوا سكيناً موجودة أمام كل واحدة منهن، لتطلب من يوسف بأن يخرج أمامهم وعندما ظهر، لم تصدق أي واحدة منهن أن هناك من هو بهذا الجمال، فأذهب جماله عقلهن وبسبب هذا جُرحت أيديهم بالسكين التي أمسكن بها دون أي شعور منهنّ {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ}، حينها اعتذرت امرأة العزيز من يوسف وأخبرته أن سبب كان هو فتنتها بجماله وهو الذي دفع بها إلى استدراجه.

قرر العزيز أن يسجن يوسف رغم معرفته بأنه بريء ولكنه أراد أن يرد التهمة عن امرأته وتجنباً لإغوائها مرة أخرى، وقد أودى الأمر بزليخة أن تعاني من ألم الفراق وازدادت عشقاً له أكثر بل حتى أن هذا الشوق جعل ملامحها تكبر سريعاً ومن شدة البكاء عليه كادت أن تفقد بصرها فبات نظرها ضعيفاً، وبهذا فقدت زليخة جمالها البهي بعدما رحل يوسف وبقي سنيناً طوال في السجن.

وفيما كان يوسف ماثلاً في السجن تعرف على الشباب الموجودين به وعرف أن بعضهم سُجن ظلماً، إلى أن أتى يوم وقَدم شابان إليه أحدهما يعمل ك خباز للملك والثاني كـ ساقي للملك وقصصا حلمهما على النبي يوسف، وذلك لكون يوسف عليه السلام قد تعلّم التفسير بفضل الله تعالى وحينها قرر أن يستغل قدرته تلك بمحاولة موعظتهم ودلّهم على دين التوحيد فقال لهم: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}، ومن ثم فسّر حلم كل واحدٍ منهم مخبراً الأول وهو ساقي الملك بأنه سيخرج من السجن قريباً، أما الثاني فقد كان تأويل حلمه بأنه سيصلب معاقبوً له على فعلةٍ ما وسيُترك إلى أن تأكل الطيور من رأسه، وحينها طلب يوسف عليه السلام ممن سيخرج أن يخبر الملك عن حاله ويذكره به و ببراءته إلا أنه نسي الأمر وبقي يوسف مسجوناً لبضع سنواتٍ أخرى.

قصة سيدنا يوسف مع رؤيا الملك

بعدما كان يوسف يقضي أيامه في السجن، رأى العزيز حلماً عن سبع بقرات هزيلات يأكلن سبع بقرات سمينات وسبع سنابل خضراء وأخرى مثلها يابسة وهشة، وعندما بحث عند المفسرين عن تأويل تلك الرؤيا لم يستطع أحد فهمها إلى أن تذكر الفتى الذي خرج من السجن أن يوسف يُحسن التفسير وأشار إليهم أنه قادرٌ على تفسير تلك الرؤيا، وعندما طلب العزيز رؤية سيدنا يوسف، فسّر يوسف تلك الرؤيا بأنه سيأتي على مصر سبع سنين تنعم بها البلاد بالرزق والخير الوفير وعليهم أن يحتفظوا بالمؤن وبعض الحصاد وألا يأكلوه للحفاظ عليهم على السنين السبع التي تليها ويعانون فيها من القحط، حينها أمر الملك بإخراج يوسف من السجن تماماً لكنه رفض إلى أن يتبين براءته وعفته أمام العامة طالباً بأن يستمع الملك من النسوة اللاتي قطّعن أيديهن، حينها بينوا أن امرأته روادته عن نفسها وتبينت براءة يوسف كلياً فخرج وطلب أن يأتمنه الملك على خزائن الدولة لإدارة ما سيحدث في السنين في القادمة.

قصة سيدنا يوسف وعمله كوزير

تسلّم يوسف الخزائن وبقي على تلك الحال إلى أن قدم القحط مثلما فسّر الرؤيا وأتى اخوته إلى مصر طالبين المؤنة من ملكها، حينها كان يوسف وزيراً للملك ولما رأى إخوته تبين أنهم لم يعرفوه، فطلب منهم لكي يزودهم بالمؤن أن يحضروا أخيهم بنيامين، حينها رجعوا إلى أبيهم سيدنا يعقوب عليه السلام الذي ابيضتت عيناه من شدة البكاء على ولده يوسف، فأقنعوه أن يصطحبوا أخيهم إلا أنه خشي عليه من أن يستهينوا به كما استهانوا بأخيه يوسف ولكنهم أقنعوه أنهم بهذا سيحصلون على الكثير من المؤن فوافق بعد مضض وقال هم:{لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَن يُحَاطَ بِكُمْ ۖ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}.

وعندما وصلوا إلى يوسف مصطحبين أخيه، أراد يوسف عليه السلام أن يترك أخاه معه فعمل على حيلة أن يضع كأس الملك داخل متاع أخيه بنيامين ليتهمهم بالسرقة، ولكنهم بينوا أنهم لم يفعلوا هذا قط، حينها أخبرهم أنهم ما إن تبين أنهم سرقوا فإن السارق سيصبح عبداً لدى الملك، وبعدما فتش الجنود متاعهم تبين أن الكأس ضمن متاع بنيامين وبهذا بقي بنيامين عند يوسف نظراً لكشف الأمر.

قصة سيدنا يوسف ولقائه مع أبيه

عاد الإخوة إلى أبيهم يشعرون بالخزي والعار لعدم وفائهم بوعدهم لأبيهم وأخبروه ما حدث ولكنه لم يصدقهم، فبكى بكاءً شديداً إلى أن فقد بصره تماماً، فطلب من أولاده العودة لمصر والإتيان بأخيهم، وعندما لبوا نداء أبيهم وذهبوا إلى مصر دخلوا إلى عند يوسف وقالوا له: {أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}، طالبين منه الرأفة بحالهم وبحال أبيهم الذي فقد بصره من شدة حزنه على ولديه، إلى أن أعلمهم بأمره وأخبرهم بأن جهلهم وظلمهم لأنفسهم هو ما أودى بهم إلى تلك الحال فطلبوا منه أن يستغفر لهم، وحينها أعطاهم قميصاً له وطلب منهم أن يرموه على وجه أبيه حتى يعود بصره، وفي طريق عودتهم، شعر سيدنا يعقوب بأن ريح يوسف تقترب منه وألقى ولده القميص على وجه أبيه فعاد بصره على الفور وطلبوا من أبيهم أن يستغفر لهم لما ارتكبت أيديهم ومن ثم ذهبوا جميعاً إلى مصر ووقف والدا يوسف بجانبه ودمع أعينهم لم تتوقف لدرجة أثّرت بكل من من كان معهم، ومنه وقف إخوته أمامه ساجدين وبهذا تحققت رؤياه التي قصّها على والده منذ البداية، {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}.

عِبر وحكم مستخلصة من قصة سيدنا يوسف

من الحكم والعبارات التي ظهرت بعدما استلهمنا العبرة من قصة سيدنا يوسف وقيمة الصبر، وقدرة المرأة على أن تفعل المستحيل عندما تحب، وعلى أثر التمييز بين الأبناء الذي قد ينشر الضغينة والحقد بينهم والكثير من الحكم التي ستجدها بين هذه السطور:

  • تقول لنا القصة أن على الأب أن يعدل بين أبناءه قدر الإمكان حتى لا ينزغ الشيطان بينهم فيكون العدل بين أبناءه ليس بالمن والهدايا بل بالعطف والحب أيضاً.
  • يجوز كتمان الخير وعدم التحدث بالنعمة منها كذلك قول الرسول صلّ الله عليه وسلم استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان.
  • الصبر مفتاح الفرج فرق العلماء بين الصبر الجميل والصبر العادي أن الصب الجميل هو الذي ليس فيه جزع ولا شكوى.
  • خير الإنسان لربه خيرا من خيرته لنفسه و هذا ما فعله سيدنا يوسف عليه السلام فأثر أن يطيع الله تعالى حتى لو رموه بسوء على أن يعصى الله تعالى.
  • أن المرأة إذا تمكن الحب من قلبها لا تنساه ولا تتمنى السوء لمن أحبته، فامرأة العزيز قد امتلأ قلبها بحب يوسف ولذلك تعجلت بإملاء العقوبة واختارت له السجن أو العقاب الأليم ولم تختار قتله.
  • أن الصراع بين الحق والباطل بدأ مع بدء الخليقة ولن ينتهي إلا بانتهاء الخليقة تتغير الأشخاص والأدوار والوسائل ولكن حقيقة الصراع واحدة، وأن الحق لا ينتهي بهلاك صاحبه ولا الباطل ينتهي بهلاك صاحبه فوراء كل صاحب حق من يحمل لوائه ووراء كل صاحب باطل من يحمل لوائه وأن هذه هي سنة الله تعالى في خلقه.
  • أن حنان الأبوة جارف عميق فلم ينسى يعقوب عليه السلام ابنه الصغير ولم يفقد ثقته بربه بل وجد ريح يوسف قبل أن يصله القميص.

تمت الكتابة بواسطة: فريال محمود لولك.

author-img
موقع محترفين العرب

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent